الفصل الثاني من رواية زيان بقلم صبرينة غلمي

 



الفصل الثاني

 

أنتهت زيان سريعاً من الأستحمام لتتجه إلى الغرفة وجدت بها خزانة من بابين وسرير لشخص مغطى بغطاء بني اللون جميل ومزركش منظره يدل على أنه عمل بيد. نافذة تطل على النهر, أتجهت إلى السرير لتجد ملابس بيتية بلون زهري وعليها رسوم متحركة. أبتسمت زيان أبتسامة واسعة لأن منذ دخولها هذا المنزل وهي تسترجع ذكريات جميلة من أحلى فترات حياتها وهي منزل والديها. بدأت زيان ترتدي الملابس وهي تسأل نفسها ترى كيف حال أهلي الأن؟؟ هل يفتقدونني كأفتقادي لهم؟؟ لو عدت لهم هل سيسامحني والدي أم أنه سينكرني بعد عملتي هذه؟؟

خرجت زيان من أفكارها على صوت سهاد التي تقف في باب الغرفة وهي تقول: يا الله كم تبدين جميلة يا زيان.

ألتفت لها زيان وهي تقول: لا يوجد من هو أجمل منك يا سهاد.

- أعتبر هذا تواضعاً منك أو ماذا؟؟

- ههه لا ليس تواضعاً بل حقيقة.

- سنناقش موضوع من الأجمل بعد الأكل هيا بنا إلى طاولة الطعام.

- هيا بنا.

تقدمت سهاد لتتبعها زيان للطابق الأرضي, دخلت المطبخ لتجده رائع ومنظم كباقي الأماكن في المنزل, ما أن تدخل باب المطبخ حتي تواجهك الثلاجة وإلى جانبها خزانة خاصة بالمطبخ تضع فيها إناء باللون البني الترابي الذي طغى على المطبخ وإلى جانبه النافذة التي رأتها من الخارج ويوضع على رفها أحواض الأزهار. اما الجهة الأخرى ففيها الموقد وإلى جانبه حوض الغسيل وفي منتصف المطبخ طاولة لأربعة أشخاص, فلم تستطيع زيان إلا أن تعلق وتقول: يا إلهي منزلك رغم بساطاته لكنه منظم وجميل تشبهين أمي كثيراً.

- شكراً لك حبيبتي, أجلسي هنا هذا مكانك.

- شكراً لك.

جلست الفتاتان لينضم لهم إبراهيم ويبدأو في أكل وجبتهم, بعد لحظات قالت زيان بطفولية: لقد أنتهيت.

أبتسمت سهاد وهي ترى أن صحن زيان قد إنتهى. لتكمل زيان: بدأت أشك أنك تعرفين أمي فأكلك رائع مثلها.

نظر إبراهيم إليها نظرات متفحصة ثم قال: يمكنك أن تأكلي المزيد.

- لا شكراً لقد أكتفيت.

- هل أحجز لك غداً للسفر لأهلك.

قال إبراهيم ذلك وهو يتفحص ملامح وجهها التي تجهمت وطغى عليها الحزن.

فأكمل قوله: لا تهتمي للمصاريف فأنا سأتكفل بها.

قامت زيان وهي تقول: شكراً لكرمك ونبل أخلاقك لكن يبدو أنني ضيف ثقيل ومكوثي ليس محبب هنا.

قالت سهاد وهي تحاول تخفيف التوتر الذي ساد على الأجواء: لا لا تقولي هذا فهذا منزلك أيضا وإبراهيم لم يقصد شيء هو أراد المساعدة فقط.

- هل يمكن أن أعرف حكايتك يا فتاة ؟؟

نظرت إليه زيان نظرات غاضبة ثم ما لبثت أن قالت: هذا أمر شخصي لا أحبذ أن أتكلم به مع غريب, وليس مكوثِي في بيتك يجعلك تتدخل في حياتي هل هذا مفهوم يا هذا؟؟

- قام إبراهيم من مكانه وقال: يا هذا يبدو أنني سأعيد تربيتك من جديد يا هذه.

- نعم نعم تربية من يا هذا هل أنت مجنون أم ماذا.

- يا إلهي أنها فعلاً مصيبة سيكون عليا إعادة تربيتها وتقصير لسانها أيضا.

- همت زيان أن ترد لكن قطعها صوت سهاد القائل: أرجوكم كفاكم شجاراً كالأطفال.

بعد تلك الكلمات خرج إبراهيم ليجلس تحت شجرتة المفضلة, اما زيان فقد ظلت مع سهاد وهي تستشيط غضباً من هذا المتطفل المدعو إبراهيم. كما أنها غاضبة جداً من ردها ومزاجها الناري التي أكتسبته بعد خروجها من منزل والديها.

سهاد بحنان: أرجو أن تعذري إبراهيم فهو لم يكن فضولياً يوماً لا أعرف ماذا حل به.

زيان: لا لا تهتمي عزيزتي فأنا رأيت في ستة شهور الأخيرة من حياتي الكثير وقابلت الأكثر, وأصبح لدي مناعة ضد هذا نوع من البشر.

سهاد بإبتسامة حانية: يمكنك الذهاب لغرفتك لتستريحي.

زيان: لا أفضل مساعدتك.

سهاد بتفهم: ما رأيك أن ننتهي من غسيل الأواني ونعد قهوة ونذهب لغرفتك لنتسامر.

زيان بإبتسامة خالصة: هذا من دواعي سروري.

أنهت الفتاتين عملهما, وتوجهتا للغرفة ليصعدا فوق السرير ويجلسان متقابلتين. بدأت سهاد بالكلام قائلة: زيان ممكن أن تسردي حكايتك يا حبيبتي وأعدك أنها تظل سر بيننا حتى إبراهيم لن يعلم.

أسندت زيان جسدها لظهر السرير وهي تقول: فعلاً يجب أن أتكلم مع أحد ولن أجد أفضل منك .

سهاد بتأمل في قسمات وجهها التي أرتسم عليها الألم والحزن: كلي أذان صاغية.

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفصل الثالث من رواية زيان بقلم صبرينة غلمي

الفصل الأول من رواية زيان بقلم صبرينة غلمي