الفصل الأول للمجموعة قصصية لأندروميدا للكاتبة صبرينة غلمي


 

أندروميدا

 

AHДPOMeДa

 

تأليف

 

صبرينة غلمي

 


 

ما فعلته بي الأيام؟

دمرني الدهر أم أنني دمرت نفسي؟

ما الذي قدمته لنفسي؟

أووووه

و ماذا قدمت نفسي لي أيضا؟؟

 

 

 

 

 

 

 

أصبح الحب لعبة

 

 

أحداث ترويها زهرة

 

 

 اليوم ستكون حكايتي مع أول حب وآخر حب في حياتي مع أنني لا أبلغ من العمر كثيراً؛ فأنا زهرة كمال أبلغ من العمر20 سنة, سن الزهور مثلما يقولون. لم أكن يوما أؤمن بالعلاقات العابرة, وفي المقابل كنت من المولعين بالعشق والحب الأبدي الخالد. كنت دائماً أنتظر فارسي الذي سيخرج من إحدى رواياتي التي أكتبها أو أقرأها لنعيش قصة حب ولا ألف قصة وتخلد قصتنا وأرزق بطفل يكون ثمرة حبنا. لكن مع بداية بروز ملامح الأنثى لدي أصبحت مركز انتباه الجميع, كم كرهت صفة الجمال بي لا أعرف إذا كانت معلوماتي صحيحة أم لا لكن أظن أنني الفتاة الوحيدة التي كرهت جمالها بشدة. لأنه للأسف لم يكن أحد يحبني لشخصيتي كل من يراني يعشق ملامح الغجر التي تزينني فأنا من أم أسبانية وأب جزائري عاشا قصة حب رائعة. كللت بزواج والداي ودخول أمي الإسلام قبل حضوري للحياة بأيام قليلة, لم آخذ من والدي شيء كل ما أخذته منه هو قلمه وإتقاني للغة العربية ببراعة فأمي تتكلم العربية بصعوبة, أما ملامحي وجسمي المنحوت كأني حورية بحر فأنا صورة مصغرة لأمي. مع بداية دخولي للجامعة وكعادة الشباب التافه الذي ملأ المكان وانجذابهم الساذج لملامحي, أصبح دخولي لأي مكان ملفت ومزعج لي ولبنات كثيرات وما زاد ضيقي أني أصبحت أشعر أني رهان لشباب الجامعة فقد أصبحوا يتبارزون على مواعدتي أو على من يوقعني في شباكه أولاً, ازددت في انعزالي ووحدتي لكن ليس غرورًا وعجرفتا كما قال الكثير من معارفي وغير معارفي.

ليأتي يوم تعرفي على إسلام كان وليد الصدفة، صادف ذلك يوم عيد الحب, بالنسبة لي كان يومأ مملآ جداً لأن أتفه شباب الكلية كانوا يأتون لكي يخبروني كذبا أنهم يتنفسون حبي ولا ينامون من شدة اشتياقهم لي. عموما رجعت إلى البيت وأنا ألعن نفسي لخروجي في هذا اليوم الذي شوهه المغفلون, لأجد أن عندنا ضيوف لأقول في نفسي: يا إلهي هذا ما ينقصني ضيوف أووووف. لأسمعت والدتي تنادي بإسمي, لأقول: نعم أمي إني قادمة.

دخلت الصالون لأجد زوجين ليس بعيدان عن أهلي في السن فألقيت التحية ليردا عليا بالمثل. لتقابلني بعدهما زوجين من عيون من أروع ما رأيت لوهلة من الزمن لم أتبين لون عينيه هل هي زرقاء أم رمادي أو فيروزي, لا أقول من غير أن أستطيع السيطرة على نفسي: واووووووو يالها من عينين. لأستدرك نفسي في آخر لحظة وقول أُووووبِسْ جملتي سمعت.

لينفجر الجميع ضحكا لحالتي, أما تلك الزوجين من عيون ففي بدأ الأمر كانت مندهشة لتتحول إلى ضاحكة ويقول مازحا: ردت الفعل المتوقعة جميلتي.

ليقول والده: إسلام كفى مزاحا, ولا تكون مغرورً هكذا.

احمررت خجلاً لأول مرة ولا أعرف سبباً لذلك ليومنا هذا وغمغمت بكلمة آسفة, لأجلس بجانب أبي الذي أخبرني أن والد إسلام صديقه وجاره منذ نعومة أظافره وأن مشاغل الحياة أخدتهما من بعضهما البعض بالإضافة لسفر والداي إلى أسبانيا وعودتنا إلى الوطن الذي لم تمر عليها 3 سنوات وأنه التقاه مؤخراً ولن يفترقا أبدا وأن إسلام ابنهما الوحيد ولاكتمال حظي فإنه معي في نفس الجامعة. ولزيادة التأكيد على حظي فإن أبي أوصاه بي, لتبدأ رحلتي في دهاليز الحب أم العشق أووووه لست متأكدة بعد. بسبب الزيارات العائلية بين العائلتين أصبحت تربطني بإسلام علاقة صداقة لا بأس بها. وانتقلت هذه العلاقة إلى ميدان الجامعة لنصبح أعز الأصحاب ولم نعد نفترق إلا ساعات قليلة وهي ساعات النوم, فقد أصبح نهاري يبدأ باتصال إسلام لكي يوقظني ومروره على منزلي للذهاب معا إلى الكلية, وعند تزامن محاضرات إسلام مع محاضراتي فإننا نحضر المحاضرات وإذا اختلفت فإسلام لا يحضر لكي لا يتركني وحيدة, وعند انتهاء دوام الجامعة فإسلام دائماً ودوما لديه برنامج لآكتمال اليوم من معرض كتاب لندوات لسينما لحفلات يتخللها بعض الأصدقاء لإسلام خصوصا حمزة يعتبر أخ لإسلام وليس صديق, تعجبني جداً لغة الحوار بينهما فهما لا يستعملان الكلمات أبداً فهما يتكلمان لغة العيون والصمت بكل مهارة يصعب فهم ما يتحدثان سبحان من خلق وسوى. فعلا حياتي بوجود إسلام اكتملت, وأعلن قلبي أن من ملكه وسلب قلبي هو إسلام وأقر استسلامه لإسلامي. لكن نسيت أن أخبر قلبي أن دوام الحال من المحال وأن يتوخى الحذر فليس كل العشاق مخلصين. لاصطدم يوماً أني أعيش أجمل كذبة في حياتي, فبعد تركي لإسلام وذهابي لحضور محاضرة هامة ولا يمكنني تغيب عنها تفاجأت أن دكتور المادة مريض وسيعوض هذه المحاضرة الأسبوع القادم. فقومت مسرعة للعودة إلى مكان إسلام الذي أخبرني قبل مغادرتي أنه سينتظرني حتى أنتهائي لكي نغادر معا, لكن مع اقترابي من مكان إسلام شاهدُت معه أحدى فتيات الجامعة التي أجزم كل الجزم أنها لم ولن تحبني يوماً لكن من طريقة حديثهما وضحكهما أدركت أنهما يعرفان بعضهما البعض عز المعرفة, ومع اقترابي منهما ولأنني كنت خلفهما فلم ينتبها لوجودي فسمعت الحديث التالي الذي صدمني.

هالة: اوووه إسلام حبيبي لم أكن أعرف أنك داهية هكذا لقد أوقعت بها.

إسلام ضاحكا: وهل أنا شخص يستهان به هالة؟؟

هالة بغنج: أبداً أبداً عزيزي, لكني لم أتصور أنك تستطيع لفت انتباه غجرية الجامعة.

إسلام: هههههه يا إلهي هل أسميتموها غجرية إنكم فعلاً لا تقهرون, لكنكم أكبرتم الموضوع فهي ليست صعبة المعشر أبداً فهي هادئة وحيوية في نفس الوقت, مسلية جداً والجلوس معها ممتع ومشوق.

هالة: هااااااي على رسلك يا هذا, لا ينقص إلا أن تقول أنك أصبحت تحبها حتى النخاع.

إسلام: ههههههه أضحكتني يا هالة, حب!! ومن الذي يحب إسلام, لا عزيزتي فاسم إسلام وكلمة حب لا يوضعان في جملة واحدة أبداً فهما خطان متوازيان.

هالة: أرجو ذلك.

إسلام: هههههه لا تزالين صغيرة يا فتاة.

لم أستطيع الانتظار بعد تلك الكلمات فدموعي كانت أنهار, لأول مرة لم أعد أشعر بشيء إلا اصطدامي بشيء وسقوطي على الأرض.

بعد مرور أسبوع

حمزة: لما لا تذهبي لترتاحي قليلاً يا زهرة وقوفك هنا لن يجعله يفيق من غيبوبته.

أجابته باكية: لن ابارح مكاني حتى يفيق أنا متأكدة أنه مدرك أني موجودة وأنني أنتظره هذا سيساعده على عدم الاستسلام, لا يمكنه الاستسلام يا حمزة.

حمزة بأسى لم حل بحال صديقه: هو لن يتركنا إن شاء الله, لكن عليكي أن تستريحي أنتِ أيضاً كي لا ترقدين بجانبه, فلقد مر على وقوفك هنا يومين.

قلت وأنا أرجع رأسي على زجاج باب العناية المشددة: لن ابارح مكاني حتى يستعيد وعيه, فأنا السبب في ما هو فيه الآن.

حمزة: ليس لك ذنب يا زهرة عناده واستهتاره ما أوصلاه إلى هنا, أنا وأنتِ أردنا مساعدته فقط لكن القدر أراد غير ذلك.

زهرة بانهيار: القدر أراد معاقبتي لأني ألمته, وما أقساه من عقاب.

رجوع للأسبوع الماضي

لم أستطع الانتظار بعد تلك الكلمات فدموعي كانت أنهار, لأول مرة لم أعد أشعر بشيء إلا اصطدامي بشيء وسقوطي على الأرض.

أنا أسف جداً يا زهرة لم أستطيع تفاديكِ, هل أنت بخير؟؟

لكنني لم أرد لأنني أحسست أني مجهدة جداً وأي حرف سأقوله سيؤدي ذلك إلى إنهياري, لذلك نظرت لمحدثي الذي تبين بعد جهد أنه حمزة ورفعت رأسي بإشارة لا معنى لها, وتركته لأكمل طريقي لكن حمزة كأي أنسان عاقل رأى فتاة في تلك الحالة لم يستطيع تناسي الأمر بل أسرع الخطى لكي يستطيع اللحاق بي, لم أدرك بوجوده إلا لما سمعته يقول: هل أتصل لكِ بإسلام؟.

لم أشعر بنفسي إلا وأنا أقول له أعتقد أنك تريد أن أرتكب جريمة أنا لا أريدك أن تتصل بأحد وخصوصا صديقك اللعين, أتعرف ماذا أريد الأن؟؟

ليقابلني وجه حمزة مليء بدهشة من عصبيتي التي لم أرها أنا نفسي من قبل فما بالك به هو الغريب عني, ويقول: ماذا؟؟

أن تختفي من الوجود أنت وصديقك العزيز لأني لا أريد أن أشاهد أي أحد له علاقة بذلك الوضيع.

لم يستطع حمزة أن يخفي صدمته من كلامي لكنه تمالك نفسه ليقول: إذا لا تريدين أن يقلك إسلام للمنزل فأنا سآخذك لأني من المستحيل أن أسمح لك بالمغادرة بهذه الحالة والداكِ لو رأياكِ هكذا سيعتقدان أنه حصل لك حادث.

عند أنتهاء كلماته انتابني الفزع عندما ألقيت نظرة على هيئتي التي أصبحت تشبه أولاد الشوارع, ماذا أولاد الشوارع أرحم مني آيضاً.

ليكمل حمزة: لا تقلقي زهرة لن أزعجك سأوصلك فقط.

حسنا ليس عندي حل آخر.

بعد مرور دقائق وجدت أن السيارة توقفت لأدور بعيناي في مكان حولي وأقول لحمزة: أين نحن؟؟

فأشار إلى كافيتريا وقال: سنأخذ كوب عصير هنا وبعدها أوصلك.

فقلت: لكن...

حمزة: من غير لكن يجب أن تهدئي قبل وصولك لأهلك فمنظرك مفزع والأمر الثاني أني أريد أن أتكلم معك في موضوع.

حسنا لكن لن نتأخر؟؟

حمزة: أكيد لا تقلقي.

دخلنا للكافيريا وجلسنا ليطلب حمزة اثنين من عصير البرتقال, ثم نظر ناحيتي ليقول من دون مقدمات: ماذا فعل إسلام لكِ؟؟

لم يفعل لي شيء.

حمزة: أنا أسألك لأني اعتبرك أخت لي منذ عرفت بطبيعة علاقة عائلتك بعائلة إسلام وأهتم لإسلام أيضاً لأنه أخي الذي لم تلده أمي, وسألت لأني أعرف أخي تمام المعرفة هو طيب القلب لكنه مستهتر ولا يحسب حساباً لأفعاله التي من الممكن أن تضره هو قبل أي شيء ثاني.

وكيف تُريديني أن أثق بك وأنت تحب أخوك لهذه الدرجة فأنا لو تكلمت, كلامي لن يعجبك أبداً.

حمزة بابتسامة هادئة: أعتقد أنك صماء يا فتاة, أنا قلت أنكِ أختي كما هو أخي ولا أعتقد أن مساعدتي لكِ ستؤذي أخي.

أشك في ذلك يا حمزة.

حمزة: سنرى حلا لهذا يرضي الجميع لكن يجب أن أعرف ماذا حدث؟.

سبقتني دموعي لأقول كل الحكاية أن صديقك كان يلعب بي أو يتباهى أنه استطاع أن يصبح صديقي دونا عن من في الجامعة وكانت صداقتنا وكل ما يحدث منذ شهور ليس بصداقة ولا عشرة كل شيء كان مدبرا لكي يخبر صديقك كل الجامعة أنه يستطيع الوصول لأي فتاة لا يستطيع الوصول لها غيره في آخر الكلام كنت المغفلة الوحيدة في هذه الحكاية وداس على مشاعري كأنني حشرة, لا أعتقد لو كنت كذلك لرأف بي.

أخرج حمزة منديلا وأعطاني إياه ليقول: خذي امسحي دموعكِ.

ظل لفترة صامتا إلى أن هدأت ثم قال: هل تحبينه ؟؟

صدمني سؤاله ولم أستطع تصنيف كلامه إذا كان وقاحة أو جرأة أو حشر أنفه في شيء لا يخصه أو اهتمام, وهذا ما جعلني أطيل الصمت ليقطعه مرة ثانية حمزة ويقول: ألم تحددي شعورك نحوه بعد؟؟

ظللت صامتة كأن فمي قد خيط بالخيط والإبرة مما دفع حمزة لأن يقول: لو تحبينه وتريدين الدفاع عن حبك وحبيبك المتهور فأنا معك وسأساعدك لكي نجعله يعرف خطأه ويدرك مشاعره وفي نفس الوقت ستحظين ببعض من الثأر لكرامتكِ, أما لو كان الموضوع لعبة بين طفلين راشدين فأنا أعتذر لتدخلي واعتبريني لم أسمع شيئاً ولا أنتِ تكلمتِ بشيء, أظن أن الكرة في ملعبك الآن وأنا أنتظر قراركِ لأخُبرك ماذا سنفعل؟.

لأجيبه بعد صمت دام دقائق: ماذا سنفعل؟؟

ابتسم حمزة ابتسامته رائعة ليقول: لنبدأ إذا......

صباح اليوم التالي في الجامعة.....

دخل إسلام الجامعة وعينيه تدور في كل مكان, ظل قرابة ربع الساعة وهو يبحث إلى أن وجد ضالته, لم يعجبه ما رأى كثيراً لكن غضبه جعله يتجه إلى من كان يبحث عنها طوال ربع ساعة الماضية.

قال إسلام باستغراب لوقوف زهرة مع حمزة: زهرة... حمزة !!

زهرة بفرح مصطنع فهي لم تنس ما حدث البارحة أبداً: أوووه إسلام أهلا كيف حالك؟؟

إسلام باستهزاء: حالي!! الأن تسألين عن حالي؟؟

زهرة بغباء: لماذا كل هذا الغضب إسلام ماذا حدث؟؟

إسلام بعصبية: أنتِ تمزحين أليس كذلك؟؟

زهرة بعدم مبالاة لعصبيته: لا لست أمزح لكني مستغربة للأمر فقط.

إسلام: كيف لكِ أن تغادرِ دون أن تعلميني, بالإضافة أني اتصلت بكِ كثيراً بالأمس ولم أجد رداً, وفي الصباح نفس الشيء, ولولا نزول والدتك للتسوق وإخباري أنكِ غادرتي منذ زمن لكنت مازلت أنتظر لساعات أمام منزلك, ممكن أن تخبريني ماذا يحدث لأني لم أفهم شيئاً؟؟

لا يوجد شيء إسلام كل الحكاية أني لم أشأ إزعاجك وأنت مع صديقتك فطلبت من حمزة أن يوصلني.

إسلام وهو ينظر لكلينا: نعم!!

لأكمل: أجل ولقد دعاني إلى احتساء عصير في كافيتريا ولما رجعت إلى المنزل كنت متعبة جداً فنمت دون أن أخرج هاتفي من الجزدان وفي الصباح مر بي وأتيت معه.

إسلام بغضب: هكذا إذا لقد استغنيت عن خدماتي, ألم أعد انفع لشيء صديقتي؟؟

قلت باستهتار: اووووه إسلام كأنك ولد كفى غيرة فأنت صديقي وحمزة سيكون خطيبي, كليكما له معزة في قلبي لن يحتلها غيره.

إسلام بصدمة: توقفي, من خطب من؟؟ ومن خطيبة من؟؟ لأني بدأت أشك أني لا أسمع جيداً.

شعرت بألم في صدري لرؤيته بهذا الحال لكن صور استهتاره بي لم تشفع له تمالكت نفسي لأقول: يا إلهي إسلام أهكذا يقول الناس مبارك لكما, أتمنى لكما حياة سعيدة, فعلاً رد غير متوقع فغيرك يجب أن يفرح.

إسلام بعصبية: ولما عليّ أن أفرح؟؟

ولما العكس؟؟

أحسست للحظة بتوتره ليتدارك نفسه ويقول: لأنكما أخفيتما عني علاقتكما, التي لا أعرف متى بدأت ولا كيف؟؟

حمزة: هاااااي على رسلك يا ولد لا يوجد شيء أو علاقة مشبوهة بيننا كل ما في الأمر أنه يوجد انجذاب وإعجاب بيننا وسنخطب آخر الأسبوع و......

إسلام: ماذا؟؟ آخر الأسبوع هذا فعلا جنون .

حمزة: أنا لا أعرف ما خطب ردود أفعالك اليوم إسلام كلها لا معنى لها.

إسلام: وقراراتكم لا معنى لها أيضاً.

لأقول: قرار خطوبتنا لا معنى له إسلام إذا ما هو القرار الذي يعتبر ذو معنى من وجهت نظرك, هيا أطربنا.

ليقول وهو ينظر لي بنظرة مليئة بازدراء وغضب: أصبحت الآن أرائي وردودي لا تعجبك يا زهرة.

ليكمل: أنا أتعب نفسي في الكلام معكما الأحسن أن أذهب قبل أن أرتكب جريمة في أحد منكما.

ليختفي بعد ثواني كما جاء, ورفرف الصمت على مجلسنا أنا وحمزة حتى قرب وصول ساعة المغادرة ليقول: هل ندمتِ؟؟

لا لكن لا يوجد أمل منه فهو يترك المشاكل بلا حل ويلوذ بالفرار.

حمزة: أنت مخطئة فاليوم أحرزنا هدفا في مرماه وهو اخراجه عن شعوره وأستطيع الجزم أنه يموت غيرة الآن.

في أحد تلل المدينة يجلس إسلام على مقدمة سيارته وهو لا يصدق ما حدث اليوم لا ليس اليوم بل البارحة لأن الأمر ابتدأ البارحة, ومئة سؤال يخطر في باله متى حدث هذا؟؟ وأين كان هو؟؟ فهو لا يترك زهرة إلا للنوم, لكن السؤال الذي استوقفه لما أنا حزين هكذا؟؟ ماذا أنا حزين لا فحزين كلمة قليلة جداً على ما أشعر به أنا أريد تحطيم وجهيهما معاً وأي شيء يمر أمامي.

ماذا إسلام أعتقد أنه حب.

ماذا ماذاااااااااااا؟ ليس حب فأنا وهو خطين متوازيين.

كفاك هراء يا رجل هل أقول لك الأقوى.

الأقوى!!! ههههه أضحكتني يا نفسي وما هو الأقوى في نظري من الحب.

يوجد الأقوى يا أذكى أخواتك وهو أنك تعشقها ومتيم من الدرجة الأولى.

لا لا لا لا أنا جننت فعلاً.

ليس هذا جنون بل هو لسعة الحب ههههه.

صمت إسلام بعض دقائق ليقول بعدها كأنه مذنب: حسناً أعترف أنا أموت حبا بها, لكن ماذا سأفعل الآن وهي ستخطب لغيرى؟؟

ليأتيه صوت بداخله يقول: هههه أضحكتني يا إسلام, من يسأل ماذا يفعل أنت لا تقهر يا رجل فكر قليلاً وستجد حلا.

لحظات وارتسمت إبتسامة على شفاه إسلام ليقول بعدها: إني قادم يا قوم.

ثاني يوم تحت منزل زهرة....

نزلت مسرعة لأن حمزة ينتظرني لكي يوصلني للجامعة. لكن مع وصولي لحمزة الذي كان ينتظرني أمام سيارته وما إن سلمت عليه حتى سمعنا صوت سيارة لينزل منها إسلام وهو يقول: صباح الخير يا عصافير الكناري.

لننظر أنا وحمزة لبعضنا, أوووف فعلاً لقد أحببت شخصا عنده انفصام في الشخصية, فمن يراه اليوم لا يرى حالة الهستيريا التي اصابته البارحة وكأنه جن, فعلا سبحان الله.

رددنا تحية الصباح, ليفاجئني إسلام مفاجأة حياتي, أو الأحرى أن إسم اليوم يوم المفاجأة. قال لحمزة: أين تذهبان في هذا وقت؟؟

ليجيبه حمزة: سأوصلها للجامعة وأذهب لتجهيز بعض الأشياء لخطبتنا.

إسلام: أهااا إذا اذهب للتحضير لخطبتك.

حمزة: أكيد لكن سأوصل زهرة في أول الأمر.

إسلام: لا زهرة لديها أخ سيوصلها حتى اليوم الذي ستلبسها فيه خاتم الخطوبة.

لشدة استغرابِ أعدت الكلمة كأني ببغاء: أخ من ولمن لي.

إسلام بكل ثقة: أجل أخ أو أنك لا تعتبرينني كذلك, فأنا أقرب شخص لك بعد والديكِ ونصبت نفسي أخ لكِ.

تخيلوا معي إحساسك وأنتِ تري من تحبين وتموتين ولهاً وستخطبين لصديقه فقط لعلى ذلك يحرك شيء في قلبه, وهو يأتي وبكل برودة أعصاب يعلن أنه أخ لكِ. أظن أنه يجوز القتله في هذا الوقت أليس كذلك؟ آآآآآآه. لم أفق من صدمتي إلا على صوته ساخر: ماذا عاشقتنا صغيرة لا يمكنكِ الاستغناء عن حبيبيك ليومين؟؟

هه أين حمزة؟؟

إسلام ضحكا: هههه ماذا هل أصبحت عمياء وخرقاء آيضاً.

لما كل هذا الاستهزاء إسلام أنا سألت سؤال بسيط والأجابة عنه لن تأخذ وقت طويل أو حتى بذل جهد للأجابة عنه.

إسلام مهدئا: حسناً حسناً أختي العزيزة, خطيبك المستقبلي لديه أعمال وأنا سأوصلك.

أوووف كفى مزاحاً إسلام منذ متى وأنت تنصب نفسك أخي.

إسلام وهو يدفعني لدخول إلى سيارة: منذ الآن عزيزتي.

مر أسبوع بين الفرح والحزن لا أعرف كيف أصف شعوري إسلام لم يتركني أبداً وخصوصا بتواجد حمزة, لكن المحزن أن تمسكه بي كان كتمسك طفل صغير بلعبته, فهو لم يفوت فرصة ليخبر فيها حمزة أو أنا أني أخصه بصفتي لعبة بصفتي أخت ليس مهم المهم أني أخصه. وهذا أزعجني جداً أكيد أريده أن يتملكني لكن وهو يحبني لأنه يوجد فرق كبير بين تملك محب وتملك طفولي أناني ومن دون سبب.

إلى أن جاء ذلك اليوم المشؤوم الذي غير حياتنا رأسا على عقب, كنت جالسة في الغرفة أتأمل الأحداث الأخيرة في حياتي التي لم أعد أمسك بزمام أمورها أبداً, ليقطع هذا الهدوء والتفكير رنة هاتفي لأجده إسلام. وما إن أجبت هذا جاءني كلامه, كلامه!! بل أمرني أن أنزل لأنه ينتظرني تحت المنزل ويريد أن يريني شيء مهم بخصوص حمزة. مع استغرابي للموضوع لكني نفذت أمره لإرضاء فضولي. مع نزولي وما إن وطأت قدمي سيارته حتى وضع هاتفه في وجهي لتقابلني صورة لحمزة مع فتاة ويبدو واضحا انهما يحبان بعضهما البعض من نظرتهما لبعض, لأسمع صوت إسلام: حبيب القلب.

لأجيبه بنفس الاستهتار: وإيه يعني؟؟

إسلام بكل وقاحة: لا ولا شيء إلا أنه يخونك وأنتم مازلتم في أول الطريق.

هههههه أوه إسلام وبنظرك هذه خيانة إنهما يجلسان في مكان عام ويتكلمان فقط, قد يكونان صديقان أو ما شابه.

إسلام وهو يبتسم ابتسامة مستفزة: أصدقاء لا يا عزيزتي إنها حب طفولة ومراهقة لحمزة ولحد الساعة أيضا وأنا متأكد من هذا لا تنسي أنه صديقي وأنا أعرف كل تفاصيل حياته.

وعندما لم يرى رد الفعل الذي يتوقعها أن انهار أو أن أنفي أمر من شدة حبي لحمزة أغضبه الأمر ولم أشعر بشيء إلا بتحرك السيارة بسرعة جنونية لأصرخ فيه: إلى أين يا مجنون؟؟ ولماذا كل هذه السرعة الدنيا لن تطير بعد.

ليصرخ: سأريك ماذا سأفعل به لكي لا يجرأ مرة ثانية على اللعب بك أو بغيرك.

لم يدرك أبداً أن عدم صدور ردة فعل لي لأني لم أحب يوماً حمزة إلا محبة الأخوة والصداقة, ليس كما فسرها هو أنها صدمة أو عدم تصديقي لشدة حبي له. ليصبح الأمر كارثي أكثر مما هو عليه عند اتصاله بحمزة وأمره أن يلحق به إلى أحدى تلال المدينة. ليصل بعد لحظات من وصولنا إلى التلة حمزة الذي كان خائفاً بشدة على إسلام فأكيد أنه انتبه أن صوت إسلام لم يكن طبيعيا وأن شيء قد حدث له. وما أن نزل حمزة من سيارته حتى أسرع إليه إسلام ولكمه ليقع أرضا. لم أستطيع تحمل ما يحدث لذا أسرعت لأمسك بذراع حمزة للنهوض, وأراد إسلام أبعادي لكي يكمل ما كان يريد فعله لكن صرخت بأعلى صوتى: إياك وثم إياك الاقتراب منه يا إسلام فلن أسامحك أبداً.

ليصرخ إسلام بمثل: إنه خائن لماذا تدافعين عنه إنه خائن وما سيحدث له قليل لما فعله.

وما دخلك أنت بموضوع يخصني أنا وخطيبي, وما أدراك أني أريد أن أغفر له ما فعل ما دخلك ها ما دخلك؟.

 ظل إسلام ينظر لكلينا كأنه يستدرك كلماتي التي بعد نطقي لها أدركت أني خسرت حبيبي وحبي.

ليقول حمزة بعد تأوه: أنا لم أفهم شيء هل ممكن لأحد منكما يتطوع ويخبرني ماذا يحدث ولماذا إسلام يتهمني بالخيانة وأنت تدافعين عني.

ليقول إسلام: لا شيء يهمك إلا أنها تحبك حتى الجنون وأنها تقبل منك كل شيء حتى الخيانة.

و اولى ظهره لنا عائداً لسيارته لكن قبل أن يصعد أدار رأسه لينظر لكلينا ويقول: من هذه اللحظة لا أريد أن أرى أي أحد منكما ولا أن تجمعني علاقة بكما مهما كان نوعها.

لينطلق بسيارته أسرع من سرعة البرق ذاتها, لأقع على أرض وأنا أصرخ بإسمه إسلام. أحساس مؤلم عندما تجعلك الظروف تظهر عكس ما يخفي قلبك, تقسى على نفسك فإسلام كان النفس الذي أتنفسه أجل أغيظه أقهره بعض شيء لكن لن أتحمل أن أكون السبب في خنجر قد ضربه في صميم قلبه, فإسلام بسببي اليوم خسر أخ وصديق بالإضافة إلى حبيبة وطفلة. لم أستطيع القول أو بالأحرى الصراخ إلا بكلمة: يا رب.

مع صراخي أحسست بألم حاد ولا أدري لما انتابني شعور أن إسلام حصل له مكروه.

حمزة حمزة إسلام إسلام

حاول حمزة مساعدتي على الوقوف وهو يقول: لا تخافي سأتركه ليهدأ قليلاً وأفهمه الوضع.

لا لا إسلام حصل له مكروه إسلام ليس بخير.

حمزة محاولا تهدئتي: اهدئي قليلاً يا زهرة إسلام سيكون بخير هو غاضب فقط.

حمزة أرُيد العودة إلي البيت, لا لا ليس بيتنا بل خذني إلى بيت إسلام.

حمزة مستسلما: حسنا سآخذك إلى أي مكان تريدينه لكن يجب أن تهدئي أولاً.

بعد صعودي لسيارة حمزة وسيرنا مسافة لست متأكدة إذا كانت كبيرة أم صغيرة لكن ما كنت متأكدة منه أني رأيت أفزع كوابيس حياتي يتجسد أمامي, لا لا أرجوكم هذا ليس إسلام. لم أشعر بنفسي إلا حين فتح باب السيارة التي بدأت تبطئ سرعتها لأن حمزة انتبه لما انتبهت إليه. وركضت لسيارة إسلام التي انقلبت على رأسها وما زاد طين بله أني لم أجد إسلام داخلها.

لأصرخ إسلااااااااااام.

لأسمع حمزة يقول: إسلام هنا.

أسرعت للمكان لأجد أن من أمامي ليس إسلام بل كتلة من اللون الأحمر أقسم أني لا أبالغ ولا أكذب لم أستطيع تبين أي مكان ينزف أو أي مكان لا ينزف, أفقت على صوت حمزة وهو يصرخ: بسرعة يا زهرة.

أتعرفون أحساس الاحتضار والموت أنا أحسست هذا الأحساس وأنا على قيد الحياة, أحساس مؤلم بل مميت أن يكون حبيبكِ بين يديك وكله دماء ولا تستطيعين مساعدته, لم يكن في وسعي إلا ان اضمه إلى صدري و أقول بأعلى صوت: بسرعة سيموت بين يدي, يا رب لا تختبرني فيه يا رب ليس لي غيرك أدعو إليه يا رب لا تختبرني ولا تريني فيه شيء سيء يا ررررررررب.

ليخطف من بين يدي ويسرع

به مجموعة من أصحاب المآزر البيضاء ويدخلون به خلف باب كتب عليه طوارئ وتختفي دقات قلبي مع اختفاء ملامحه, أقسم أن في تلك اللحظة كاد الموت أن يكون أهون مما أحسست به. انتابني شعور بألم مميت وأصعب ألم هو الألم النفسي فلا يوجد حل لهذا الألم إلا من الله عز وجل. أحسست بذراعين تتوقاني لأشتم رائحة حضن لا يمكن نسيانه أبداً أأأأأأأأبي, إسلام في خطر سيموت سيتركنا أبي ويأخذ قلبي وأفراحي معه أأأأأبي لن أستطع العيش من دونه, أأأأأبي لعبتي أخذت مني حب حياتي أأأأبي قلبي يحتضر, سأفديه بحياتي أأأأأأبي صغيرتك ستخسر أحلى ما في حياتها بسبب لعبة, أأأأأأبي جعلت حبي لعبة أبي فخسرت لعبتي وحبي أأأأبي طفلتك المدللة تستحق العقاب لكن ليس هذا العقاب أنا أتقبل أي عقاب إلا هذا أأأأأأبي. إسلامي سيضيع ولعبتي هي السبب. مع كل كلمة كانت عيوني تذرف الدموع وقلبي ينزف دما وذراعا أبي تشداني. مرت ساعتين من جحيم وانتظار ليخرج الطبيب يحمل خبرين ولا واحد منهما استطاع طمأنة قلوبنا, الأول أنهم استطاعوا إيقاف النزيف وأنهم قد نزعوا إحدى كليتيه لأنها لم تعد تعمل والكلية المتبقية تعاني ضرراً وهذا ما أدى إلى دخوله في غيبوبة لا يعرفون متى سيفيق منها. ثانيا أنه يجب أن نجد متبرعا له بكلية لأنه مع إفاقته ستجرى له عملية ثانية لزرع كلية له.

أريد عمل التحاليل, هذا ما نطقت به لتتوجه جميع الأعين نحوي وأسمع أمي تقول: لا يمكنك ذلك يا زهرة.

بلى يمكنني ذلك يا أمي ولا أريد أن يعترض أحد على كلامي, لأن موت إسلام يعني موتي وإذا حصل شيء وأنا أجري العملية أفضل من بقائي في هذه الحياة بدونه.

أمي باستغراب: منذ متى أصبحتِ متيمة لهذه درجة به ؟؟

أنت من تسألين أمي عن قدرتي للحب الأجدر أن تسألني هل ورثت جينات الحب العظيم مني؟ لأن قصة حبك لأبي تحكي قصتي لإسلام على اختلاف بسيط أننا من نفس البلد. إذا أيها الدكتور أين مختبر التحاليل.

الدكتور بابتسامة ودودة: تعالي معى بنيتي لأدلك على المكان فهو قريب من غرفتي .

بعد عملي للتحاليل رجعت إلى مكانى الذي لن أبرحه حتى يستفيق إسلام وهو الوقوف على باب غرفته في العناية المركزة .

نعود إلى وقتنا الحالي....

في لحظة وقوفي مع حمزة جاء الطبيب للكشف الطبي اليومي لإسلام.

طبيب: صباح الخير, كيف حالك اليوم؟؟

أنا بخير دكتور المهم إسلام.

طبيب: لا صحتك آيضاً مهمة لأن صحة إسلام معتمدة عليك.

أنا كيف لم أفهم قصدك دكتور.

طبيب: جائتني التحاليل منذ دقائق ولقد توافقت أنسجتك مع أنسجة إسلام.

هل هذا يعني أن إسلام سيصبح بخير.

طبيب: أتمنى ذلك لكننا لا نضمن ذلك أيضاً.

أنا لا أفهم ما تقصد هل هذا يعني أنه مازال في دائرة الخطر؟؟

طبيب: أجل بنيتي لأن بعد استيقاظه سنجري له عملية زرع الكلية وبعد العملية يجب أن تمر 48 ساعة لنرى إذا تقبل جسده الكلية فسيكون بخير وسيقوم بفترة نقاهة, وإذا لم يتقبل جسمه فإنه في رحمة الله تعالى.

لا لا إنه سيتقبل ويكون بخير أنا متأكدة من ذلك.

طبيب: بإذن الله بنيتي أريد منك أن تكوني متفائلة فهذا سيساعده جداً.

أكيد أريد أن أراه ولو دقائق.

طبيب: لكن إياك أن تقولي شيء يزعجه لأنه يستمع لكلامك وبوضوح آيضاً.

أحسست ببرودة في أطراف جسمي وأنا أدخل للغرفة التي كنت أقف منذ يوم أمام بابها الزجاجي, لأجد أن كل الغرفة اكتست بلون الأبيض من الأرضية البيضاء إلى الاجهزة مرورٍ بالسرير الأبيض وغطائه كذلك, سبحان الله حتى بشرة إسلام تضامنت مع الغرفة لتصبح تماثلها في اللون, اقتربت من سريره وطبعت قبله على جبهته, آه يا عزيزي كم كنت غبية وأنا ألعب تلك اللعبة التي كان آخرها أننا في هذا الوضع. أنا آسفه أنني سبب ما حدث وسبب ألمك وعذابك, لو أخبروني أنني سأكون سبب تعاستك وألمك وأحزانك لأخبرتهم أنه يتوهمون فأنا زهرة وزهرة لا تفعل ذلك, لكن زهرتك فعلت ذلك وأكثر من ذلك. أرجوك إسلام استعد وعيك لأنني لا أستطيع العيش بدونك.

تيتيتيتيتيتيت, في ثواني كانت الغرفة مليئة بالأطباء وأحدى الممرضات تخرجني خارج الغرفة لأسمع أحد الأطباء يقول: بسرعة فإن قلبه توقف.

لحظات مليئة بالهرج والمرج في الغرفة وخارجها فقد أجتمع أهلي وأهل إسلام ووالدته التي فقدت أعصابها وحمزة الذي يحاول أن يهدئها ولكن نبرة صوته تخرج مهتزة دليل على خوفه الغير متناهي. في تلك الأثناء كان الأطباء لازالوا يحاولون استرجاع مريضهم, للحظات قليلة توقفت عينا الطبيب الذي سمح لي بالدخول لإسلام كأنه يخبرني أنه يفعل ما يستطيع لأرد له بأنني سأموت لو فقدوه فليفعل ما استطاع فأنا على استعداد أن أعطيه قلبي لكن لا أستطيع سماع كلمة "البقاء الله ". أنا مؤمنة بالله لكن ليس في مقدوري تحمل هذا الأمر مع إسلام. أغمضت عيناي وأنا أرجو الله أن لا يريني سوء فيه. فتحت عيناي لأجد الطبيب يقول: الحمد الله الحالة رجعت لاستقرارها لكن ممنوع الزيارة حتى استرجاع وعيه بالكامل إن شاء الله.

لم ترجع الروح لإسلام وحده فقط بل للجميع وأولهم أنا. اللهم لا تذيق أحدا طعم الفراق لا في غالي ولا في عزيز. انتهى اليوم على خير أو نقول بهدوء نسبي فحالة إسلام لازالت مستقرة لكن لا يوجد أي تقدم ليبدأ يوم جديد ملئ بالأخبار الجديدة. عند وقوفي المتواصل على باب غرفة إسلام لاحظت أنه حرك رأسه عندما دخلت أشعة الشمس من النافذة كأنه انزعج منها. لم أشعر بنفسي إلا وأنا مندفعة بسرعة إلى غرفة الطبيب الذي اندهش من دخولي المفاجئ دون استأذن لأقول: أعتقد أن إسلام استعاد وعيه.

ليسرع الطبيب للتوجه إلى غرفة إسلام ويلحق به الطاقم الطبي وبعد مدة من الزمن وبعض المعاينات من طرف الأطباء. خرج المسؤول عن حالة إسلام ليقول: أرجو منك يا أنسة زهرة أن تذهبي لتجهيز نفسك للعملية لأن إسلام استعاد وعيه ويجب أن تجرى له عملية قبل أن تسوء حالته الصحية.

بعد ساعات من التحاليل ألبسوني الرداء الأخضر ووضعوني على السرير المتحرك لنغادر غرفة التحاليل ونذهب لغرفة العمليات عند وصولي لباب الغرفة وجدت أهل إسلام وأهلي وحمزة, قام والد إسلام بتقبيلي على جبهتي وهو يتمنى لي السلامة ونجاتى أنا وإسلام. أما والدته فأخبرتني أنها ممتنة لي كثيراً وأنها لن تنس هذه التضحية أبداً, ولكنني أخبرتها أني لن أضح كل ما أفعله لأني لا أستطيع العيش من دون إسلام وإنقاذي لحياته إنقاذ لحياتي آيضاً. أوووه أمي لم تشأ تركي أبداً وأخبرتني أنها تحبني كثيراً وأن أعود لأنها لن تستطع العيش دوني, وأخبرتها المثل وأن تعتني بوالدي. أبي حبيبي كان قوي كما أعتده دائماً وأمرني أن أعود وأرجع إسلام آيضاً وإلا لن أكن أبداً ابنته. حمزة أخي اعتذر كثيراً أنه صاحب فكرة اللعبة التي لعبناها على إسلام وأنه لم يكن أبداً يعلم أن الأمور ستؤول إلى ما آلت إليه وإلا لما كان شجعني على هذه اللعبة أبداً, لأجيبه أنني آيضاً كنت مقتنعة بما فعلت وأنه لا ذنب له فيما حدث وأنه لو حدث ولم أعد أن يعتني بإسلام ولا يتركه أبداً ولا يجعله يحزن أبداً على غيابي وأن يخبره أني أرُدته أن يعيش مكاني وأن تكون حياته سعيدة دائماً وإذا أحب بعدي أن يخبرها فور حدوث ذلك. و ودعت الجميع وأخر كلمة قلتها قبل دخولي عالم السواد هو أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله

 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

الفصل الثالث من رواية زيان بقلم صبرينة غلمي

الفصل الثاني من رواية زيان بقلم صبرينة غلمي

الفصل الأول من رواية زيان بقلم صبرينة غلمي